على مقربة من ساحل الخليج، هناك أرض منخفضة تسمى: “وادي المياه”، لكثرة العيون والآبار التي تنتظم في هذا المنخفض على طول امتداده، ولأن مياه الأمطار تبقى في مستقراتها مدةً طويلة. هذا الوادي كان يسمى (الستار) أو (الستارين)، وكان محطة استراحة للكثير من القوافل التجارية المحملة بالطيب، والتوابل، والأعشاب الطبية، والمعادن، والأحجار الكريمة، والحرير، القادمة من جنوب الجزيرة العربية عبر اليمامة والأحساء، والمتجهة شمالاً إلى بلاد الرافدين. من أبرز الطرق البرية التي كانت تسلكها القوافل وتمر في هذا الوادي: (درب الكنهري)، و(درب العرعري)، و(درب الجودي).
جاء في لسان العرب: “الستار ناحية بالبحرين ذات قرى تزيد على مئة لبني امرئ القيس بن زيد مناة وأفناء سعد بن زيد مناة منها ثاج…”. وقال ياقوت الحموي في معجمه تحت رسم (حنيذ): «قال أبو منصور – يعني الأزهري -: وقد رأيت بوادي الستارين من ديار بني سعد عين ماء عليه نخل زين عامر، وقصور من قصور مياه العرب. يقال لذلك الماء (حنيذ)، وكان نشيله حاراً فإذا حقن في السقاء وعلق في الهواء حتى تضربه الريح عذب وطاب”. وفي رسم (الأجدلان) قال ياقوت: “الأجدلان: أبرقان من ديار عوف بن كعب بن سعد من أطراف الستار وهو وادٍ لامرئ القيس بن زيد مناة بن تميم حيث التقى هو وبيضاء الخط”. وتحت رسم (ثرمداء) : “قال الأزهري: ماء لبني سعد في (وادي الستارين) وقد وردته يستقى منه بالعقال لقرب قعره”. وفي رسم (البثاء): “قال الأزهري: ولعل بثاءً لماء في ديار بني سعد أخذ من هذا، قال: وهو عين ماء عذب سقى نخلاً، قال: رأيتها في ديار بني سعد بالستارين“.
أبرز آثار وادي ستارين
- الأحافير القديمة: تحتوي صخور الوادي على الكثير من الأحافير البحرية كالمرجان، والحيوانات الرخوية، وأحافير الحيوانات الفقارية مثل التماسيح، والسلاحف، ووحيد القرن، والقردة، حيث يعتقد خبراء الجيولوجيا أنّ منطقة الوادي كانت عبارة عن بيئة ساحلية تلفها البحيرات العذبة وأشجار النخيل.
- الرسومات الصخرية: نُقشت على صخور الوادي الكثير من الصور واللوحات الفنية التي تشير إلى الفروسية والقتال والصيد، وكذلك الشعر الجاهلي.
- المدافن التلالية الركامية: تقع في مدينة ثاج التاريخية القريبة من هذا الوادي.
ملاحظات حول الإسم:
“ستارين”، وادي كبير يقع شمال الأحساء، ويوازي ساحل القطيف. هذه المنطقة، التي يقع ستارين في قلبها، كانت تُسمى “بلاد البحرين” قبل ان تتقلص التسمية وتقتصر على الجزيرة التي تسمى الآن البحرين.
الحاضرة التاريخية لبلاد البحرين هي: الأحساء، والى الجنوب منها تمتد صحراء تُسمى: “يبرين”.
أسماء الأماكن: “ستارين” و “يبرين”، تنتهي بـ”اللاحقة المتكررة”: (ياء + نون). هذه اللاحقة موجودة في أسماء أماكن أخرى مثل: فلسطين وحطين وعفرين. هذا قد يشير الى ان صوت الياء في: “بحرين”، هو في الواقع:(ياء المد)، وليس الصائت المزدوج: (فتحة-ياء/ăī/)، الذي يوحي بصيغة المثنى. بمعنى ان النطق الأقرب للأصل هو: (Baḥreen) على وزن (يبرين).
اترك تعليقاً