الطوبونيميا كلمة معربة تعني: (علم اسم المكان) او دراسة اسم المكان، اما (اسم المكان) الذي يدرسه هذا العلم فيقال له (طوبونيم)، مثال ذلك كلمة: (بابل)، هذه الكلمة تعتبر (توبونيم) لانها اسم لمكان معيّن. الطوبونيميا مجال معرفي، حديث نسبياً، يُعنى بدراسة وفك أسرار معاني أسماء الأماكن والمواقع التي سكنها أو انشأها الانسان وأطلق عليها إسماً بعينه، مثل البلدان والاقاليم والمدن والقرى والطرق والمزارع والمقابر والمعابد ونحوها. هذا العلم يدرس ايضاً الأسماء التي تُطلق على مظاهر الطبيعية مثل الجبال والاودية والعيون والانهار والبحار والصحاري.. الخ، وذلك لان (التوبونيم) قد يكون له علاقة بإسم مظهر من مظاهر الطبيعة (كالنبع والجرف او الساحل).
الطوبونيميا هي في الواقع فرع من علم اشمل يسمى: (الاسماوية او علم الأسماء، onomastics). هذا الأخير يدرس معاني الأسماء عامةً، كأسماء الكائنات الحية والافلاك والكنى والالقاب والاسماء الشخصية وأسماء الشعوب والقبائل والنحل والملل واجزاء الجسد وغيرها.
الأسماوية، (الأونوماســتيكس)، بدورها، تعد شعبة من شعب (علم التأصيل/etymology) الذي يدرس تطور الكلمات المعجمية ويتتبع نشأتها الأولى. علم التأصيل، المنبثق من (اللسانيات التاريخية/ historical linguistics)، يٌوظف التغيرات الصوتية والتطورات الصرفية والتفرعات الدلالية والمقارنة اللغوية لتركيب الأصل البعيد للكلمة او لاعادة تركيبه. منهج علم التأصيل يشمل ايضاً بحث فرضيات مهمة مثل (التأصيل الشعبي/ folk etymology) و(التشابه الزائف/ false cognate) و(التخليط/ suppletion) وغيرها.
التوبونيميا، على الرغم من كل ذلك، ليست علماً لغوياً صرفاً، يبحث داخل اللغة ولا يجاوزها. البحث في معنى اسم المكان يجعل من التوبونيميا: (حقل متداخل/ interdisciplinary field)، بمعنى انها توظف معارف شتى للوصول الى النتيجة المرجوة. هذه المعارف تشمل النصوص التاريخية والمعلومات المتأتية من التنقيبات الأثرية والدراسات الجيولوجية والجغرافية، (الطبيعية والبشرية)، للمكان.
البحث التوبونيمي يحاول الإجابة على السؤال التالي: ما معنى اسم هذا المكان؟ مثلاً: لماذا يسمى العراق عراقاً؟ ما معنى كلمة: (عراق؟)، محاولة الإجابة هنا ليست حلاً للغز ضمن لعبة لغوية او اشباعاً لفضول او اتباعاً لمقولة: (العلم بالشيء خير من الجهل به). في الواقع، التجربة اثبتت ان معرفة معنى اسم المكان يفتح الباب واسعاً لمعرفة ماضيه وماضي ساكنيه، اضافة لمعرفة الكثير عن التطور اللساني للغة هذا المكان والاقليم بشكل أوسع. الطوبونيميا هي (الثقب الثالث) لسبر اغوار الماضي، بعد النصوص التاريخية والتنقيبات الآثارية، أو في غيابهما.