الوحدة الصوتية او(الفونيم/phoneme)، كما شُرحت سابقاً على هذا الرابط، هي وحدة بناء الكلمة. كل كلمة ذات معنى هي، في الواقع، منظومة من الفونيمات.
ذٌكر في ذلك الموضوع أيضاً كلمة: (قامَ)، وكيف انها مكونة من أربعة وحدات صوتية او (فونيمات) وهي: (القاف، ألف المد، الميم، والفتحة). هذه الكلمة أو (منظومة الفونيمات)، تسمى: (وحدة صرفية). وعليه تُعرّف الـ(الوحدة الصرفية) بأنها منظومة من (الوحدات الصوتية) تحمل مضموناً دلالياً أو تؤدي وظيفة نحوية.
مصطلح: (وحدة صرفية)، هو ترجمة للكلمة الأجنبية: (morpheme)، هذه الكلمة الأجنبية تُعّرب الى (مورفيم)، فلا يقال: (وحدات صرفية) بل يقال: (مورفيمات).
للمورفيم عدة أنواع منها: (المورفيم الدلالي) و(المورفيم الوظيفي).
المورفيم الدلالي (content morpheme):
هو (الكلمة المعجمية) التي تحمل مضموناً دلالياً، أصلياً او مجازياً، محسوساً او مجرداً، وقد تُستخدم كدالة لمدلول عليه. في هذه الحالة الأخيرة، “المورفيم الدلالي”، قد يفقد (محتواه الوصفي/descriptive content) ويتحول الى مجرد (رمز/sign) يُشير الى (مشار اليه/referent). المورفيمات الدلالية تشمل الأسماء والصفات والأفعال.
أقسام المورفيم الدلالي:
أ- المورفيم المجرد (base morpheme):
وهو المورفيم الدلالي الذي لا (يلتصق به) او (يقيد معه) أي مورفيم آخر، سواءاً كان هذا (الآخر) دلالي او وظيفي. مثال لذلك: (دار) –( جبل) – (نبع) – (شمس).
ب- المورفيم المُركّب (compound morpheme):
وهو بخلاف المجرد، قد يُقيّد به مورفيم واحد أو أكثر. المورفيمات المقيدة بـ(المركب) قد تكون مجردة او وظيفية.
للشرح أكثر، يمكن القول ان التركيب يتحقق بوجود مورفيمات وظيفية مقيدة بالمورفيم الدلالي. مثل (تاء التأنيث) في: (نجمة) و(بقرات). كما يشمل ذلك تكرار المورفيم المجرد، مثل: (فلفل) و (عصعص). او الصاق (مورفيم مجرد آخر) بالمورفيم المجرد الأول، مثل: (جوفمعويات).
المورفيم الوظيفي (functional morpheme):
هو المورفيم الذي لا مغزى له في حد ذاته، وانما يستخدم ليُغّير المورفيم الدلالي أو ليعطي معلومات أكثر عنه. المورفيمات الوظيفية تشمل: حروف الجر، أدوات التعريف، أسماء الإشارة، ميم المكان، نون الجمع السالم، تاء التأنيث، وما كان في حكمها او شاكلها.
أقسام المورفيم الوظيفي:
أ- المورفيم المُقيد (bound morpheme):
وهو المورفيم الوظيفي الذي يُلصق او يقيّد بالمورفيم الدلالي. مثل: (الـ) التعريف في كلمة: (الـدار)، او (ميم المكان) في كلمة (ملعب)، او (نون الجمع السالم) في كلمة: (عالمين).
مواضع المورفيم الوظيفي المُقيد:
(الوظيفي المقيد) يُلصق بالمورفيم الدلالي في ثلاثة مواضع، وهي الصدر، والحشو والذيل.
1- المورفيم الذي يُلصق صدراً يسمى: (سابقة/prefix)، مثل: (ميم المكان في: محل )
2- المورفيم الذي يُقحم حشواً يسمى:(داخلة/infix)، مثل: (تاء الافتعال في: إجتمع ).
3- المورفيم الذي يُلصق ذيلاً يسمى: (لاحقة/suffix)، مثل: (نون الجمع في: البنون ).
ب- المورفيم الحر (free morpheme):
وهو المورفيم الوظيفي الذي يؤدي وظيفته اللغوية بدون ان يُلصق او يقيد بالمورفيم الدلالي. مثال ذلك: (في)، (الى)، (عند)، (هذا)، (ذو)، (سوف)، ونحوها.
العودة الى الطوبونيما
الطوبونيم قد يكون:
1- (مورفيم دلالي مجرد)، مثل: خيبر، تريم، صُحار، قطر، رفح.
2- (مورفيم دلالي مركب)، مثل: بلقين، يبرين، شرقاط، عجلون.
من الأمثلة على النوع الثاني مدينة: (بعقوبة)، والتي يقال ان التسمية آرامية حيث تختصر كلمة (بيت) الى (بـ)، ثم تالياً أُلصقت هذه الباء في اسم (عقوبا)، لتصبح (بعقوبة) أي: (بيت يعقوب). مثال آخر هو اللاحقة: (صائت + نون)، التي تلحق العديد من أسماء الأماكن ، مثل: نجران، عمران، ظهران، صيدون، عمون، يبرين، حطين.. الخ. الرأي الغالب ان هذه النون: لاحقه متكررة (repetitive suffix) سامية، أصلها (مورفيم وظيفي) للتصغير او التعريف او التنكير.
هذا التركيب يُعتبر:(تركيب ظاهر)، بمعنى ان المورفيمات التي أُلصقت بـ(المورفيم المجرد) ، واضحة حتى وان غاب مغزاها. مثل (الواو والنون) في: (عجلون)، أو (الميم) في: (مسقط).
التركيب المستتر
ولكن المظهر قد يكون خادعاً، بمعنى ان الطوبونيم قد يبدو مورفيماً مجرداً لا لبس فيه، مثل: (هجر، مصر، يمن)، لكن البحث المواقعي قد يُظهر العكس، هذا الحالة تسمى: (التركيب المستتر).
اكتشاف وانكشاف التركيب المستتر يُجلي اللبس عن كثير من أسماء المواقع، ويسمح بتقصي معانيها على بينة.
مثال ذلك الاسم القديم للأحساء: (هجر)، هذا الطوبونيم يبدو مورفيماً مجرداً. لكن، ومع البحث، اتضح ان كلمة (هجر) عبارة عن (مورفيم مركب) مكون من: (مورفيم وظيفي + مورفيم دلالي مجرد)، أي: (هـ + جر).
hăjăr > [ hă ] + [ jăr ]
(الهاء) في اللغة العربية الشمالية القديمة هي في الواقع: (أداة تعريف)، وهي نفس الآرامية والعبرية: [ ה ].
صوت الجيم الموجود في اللغة العربية، لايوجد في اللغات السامية الأخرى. الجيم العربي، في معظم الحالات، هو ابدال صوتي للـ(g) السامية. وعليه يمكن كتابة (جر) كالتالي:
[ găr ] < [ jăr ]
بالعودة للجغرافيا نجد ان أقدم واهم منطقة في الاحساء تسمى الآن: (قارة)، والقاف هنا تنطق: (گارة/gāră).
الجذر الصوتي، (phonetic root)، لكلمة (گارة/gāră) هو: (گر/găr)، وهذا يشير الى ان “قارة” عبارة عن طريقة نطق مختلفة لنفس الاسم القديم: “هجر“
***
اترك تعليقاً